الأحد، 10 مارس 2013



محمد غنوم 1949
«محمد غنوم» واحد من الفنانين التشكيليين الحروفيين العرب الذين ركَّزوا في كل تجربتهم الفنية على الحرف العربي لإبراز إمكانياته الجمالية من جهة، وللمساهمة في صنع لوحة معاصرة بواسطة استخدامه من جهة أخرى.
ولا شك بأن مسألة إدخال الحرف في اللوحة كانت من بين المسائل الأساسية لدى العديد من الفنانين العرب الذين اهتموا بإضفاء طابع محلي على أعمالهم الفنية، ومن أجل الظفر بلوحة تنتمي إلى منطقة جغرافية محددة في هذا العالم التشكيلي المترامي الأطراف.
وقد بدأ هذه التجربة في سورية الفنان «أدهم اسماعيل»، ومن أبرز أسمائها الفنان «محمود حماد» الذي كرس لها جُلَّ حياته.
وقد ركزت تجربة الفنان «محمد غنوم» على تكوينات الحرف العربي الذي يتدفق لديه في فضاء اللوحة بحركة رشيقة ومتوالية في تكرار يستعين باللون ومشتقاته لتعزيز انسيابية انطلاقته.
ورغم الوجود القوي والأساسي للحرف العربي في أعماله إلا أن رؤية تجريدية للتكوين، توزع الحروف والفراغات واللعب الجميل باللون، كلها عناصر تسهم في تحويل هذا الحشد المتراكم بلطف وانسيابية للحروف إلى عالم من الغليان اللوني التجريدي يُعزِّز القيمة البصرية الصافية لهذه الأعمال.
بدأت تجربة الفنان «محمد غنوم» في السبعينيات من القرن العشرين بأعمال زيتية وباستخدام الحرف العربي، مؤكداً على وجود كلمات ونصوص مقروءة وتحمل الكثير من المعاني الوطنية والتراثية والقومية، وقد تخلى في مرحلة لاحقة عن استخدام الألوان الزيتية في العمل إلا أن التركيز على وجود الكلمات والنصوص داخل لوحته استمرَّ معه في أعماله اللاحقة في محاولة للتركيز على إدخال التراث العربي والمحلي إلى العمل الفني المعاصر واستلهام جماليات الخط العربي لصالح التركيز على لوحة معاصرة.
وقد ركَّز في أعماله على مجموعات محدَّدة من الألوان مستقاة من التراث الشرقي بشكل عام «كالأزرق والأخضر والذهبي» في تنويعات وخلطات تعتمد غالباً على مساحات كبيرة من اللون الصافي، التي تشكل أرضية جميلة وأساساً تنهض عليه الحروف في طيرانها والتفافاتها وموسيقاها، حروف تصعد وتهبط، تتكور وتتقعر، تحلق وتهبط، تلتف وتنفلت، مثل عالم من الغيوم التائهة في سماءات صافية.
في مقابلة معه قال «محمد غنوم» عن فنه: «.. تجربتي تعتمد في أساسها على دراسة أكاديمية متأنية لقواعد الخط العربي بجميع أنواع الخط العربي بأسلوبَيْه: «الجاف»، وما يحمله من أنواع تندرج ضمن الخط «الكوفي» وأنواعه، والأسلوب «اللين» وما يحمله من خطوط «النسخي، الرقعي، التعليق، الثلث، الديواني» وإيماني عميق بأهمية هذه العناصر في أية تجربة حروفية تهدف أن يُكتَب لها النجاح.
وأما الفنانون الذين يستخدمون الخط العربي في لوحاتهم ويدَّعون أنه لا أهمية لدراسة الأسس الأكاديمية للخط العربي، فهذا الإدعاء ما هو إلا نوع من الهروب، أو غمر الرأس بالرمل والابتعاد عن الحقيقة، حيث لا يمكن لأي فنان حروفي أن يقلل من أهمية تلك الدراسة أو إلغائها، معتمداً على آراء وأفكار غربية مستوردة تريد طمس الهوية العربية..».









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق